المهندس نادر حسان صفا
ما بين فريق مؤيد وفريق معارض تعالت الاصوات في لبنان, ففي المقلب الاول يقف المؤيدون لضرورة اتباع نظام اللامركزية الادارية ليواجهوا بالمقلب الآخر بالرافضين لهذا المطلب والذين تنتابهم هواجس ومخاوف من انها قد تؤدي الى تقسيم لبنان بسبب الهيمنة الطائفية والمذهبية التي تسود البلد و الموقف الثابت الذي يشدد على ان اللامركزية هي صورة مقنعة للفيدرالية.
في المبدأ ,هناك ارتباط في البنود بين المفهومين. فاللامركزية الادارية تقوم على اعطاء حيثية وصلاحية مباشرة لمجالس البلديات و المحافظات و الادارات الرسمية التي تنتخب مباشرة من قبل الشعب فيما تبقى القرارات الحاسمة و الاساسية تحت سلطة الجهاز المركزي, وبالتالي هناك جهاز اساسي مركزي و جهاز لا مركزي يختص بالادارات الرسمية و الصحية و الانمائية الى جانب الادارات التربوية ووجود صلاحيات كبيرة للسلطات المحلية.
ففي موضوع الفيدرالية تبقى الدولة في نطاقها المركزي موحدة على صعيد السياسة الخارجية و الدفاعية و الامور المتعلقة بالمجالين الصحي و التربوي للبلد بشكل عام ,و لكن في هذا السياق تاخذ الكونتونات و المقاطعات صلاحيات اوسع على الصعيد الاداري اي بمعنى آخر يكون لها حكم ذاتي يقوم على الانماء و تحصيل الضرائب المفروضة التي تعود مباشرة الى المقاطعة التابعة لها رغم الهرم الاداري القائم الذي يجب ان يتكامل مع السلطة الادارية المركزية.
اذن ,يمكننا القول ان اللامركزية الادارية واقعة تحت صلاحيات و ادوار واسعة تابعة للسلطة الادارية المركزية بعيدا عن الفيدرالية التي تقلص دور و صلاحيات السلطة الادارية المركزية ويكون لها خصوصية في ممارسة قراراتها و اجراءاتها داخل المقاطعة المعينة باعتبارها منتخبة من قبل سكان المنطقة او المقاطعة.
نص الدستوراللبناني بعد تعديله وفق اتفاق الطائف على مبدأ اعتماد اللامركزية الادارية و ذلك لتوسيع هامش التعبير و الديمقراطية في الوطن و تسهيل الشؤون الادارية و الضريبية باعتبارها تابعة لسلطة المنطقة ,و لكن من المؤسف لم يعمل به بسبب وجود النظام الطائفي والمذهبي وفرض الوصايات الدينية على الشؤون السياسية و الغطاء الديني الذي قد تفرضه النزاعات السياسية, اما الفيدرالية فقد طرحت اكثر من مرة في لبنان ولكنها قوبلت بالرفض القاطع ايضا لذات الاسباب المتعلقة باللامركزية الادارية.
في النهاية ,لا يصلح تطبيق هذين المفهومين في لبنان رغم الايجابيات التي يمكن ان تنتج عنهما وذلك بسبب التشعبات الدينية و المذهبية و الاختلاف الكبير في الايديولوجيات بين الاحزاب , عداك عن الوصايات الخارجية المتعددة التي تفرضها دول الخارج على لبنان و التي هي بالاصل متنازعة و تحمل غايات و اهداف اقليمية و دولية مختلفة.

