الديمقراطيون و الجمهوريون:العدوان اللدودان


 

المهندس نادر حسان صفا
تعد الاحزاب في الولايات المتحدة الاميركية ذات طابع خاص . بالرغم من الدور اللافت الذي لعبته الاحزاب المعتدلة في الاونة الاخيرة على الساحة السياسية الاميركية يبقى الحزبان الديمقراطي و الجمهوري اكبر حزبين تاريخيين من حيث اغلبية المقاعد في مجلس الشيوخ ومجلس النواب.
يختلف الديمقراطيون و الجمهوريون في وجهات النظر السياسية و في اتخاذ المواقف و القرارات الداخلية و الخارجية، ناهيك عن السياسات الاقتصادية و العسكرية و الاجتماعيةحيث يعتمد كل من الحزبين على مبادئ خاصة في تفعيلها . فالحزب الجمهوري هو حزب يميني و يرتبط بالعدالة و الحرية الاقتصادية اي بمعنى آخر البقاء للاصلح ،اما الحزب الديمقراطي فهو حزب يساري ليبرالي يعتمد بالاغلب على التقدمية و المساواة.
يعمد الجمهوريون على تقليص دور الحكومة ويؤكدون على وجوب حصر مسؤولياتها قراراتها بامور معينة اضافة الى منعهم لها من التدخل في المجال الاقتصادي. اما في الشأن الضريبي فهم يعتقدون ان قانون الضرائب ينطبق على الاغنياء و الفقراء على حد سواء اذ عليهم دفع نفس القيمة المفروضة . يعارض الجمهوريون رفع الحد الادنى للاجور لما لهذه الزيادة من تبعات على الشركات الصغيرة. كما انهم يؤيدون عقوبة الاعدام و يعتقدون انها عقاب عادل لجرائم معينة ويعلنون رفضهم التام لعمليات الاجهاض بسبب تأثرهم الكبير بالدين وتمسكهم بالتقاليد ،فالطفل الذي لم يولد بعد لديه حق اساسي في الحياة و لا يمكن سلبه هذا الحق .اما عن قوانين السلاح فهم يعارضون قوانين مراقبة الاسلحة و التحكم فيها و يؤيدون بقوة حق الدفاع عن النفس و يؤكدون على الحقوق الفردية بصورة اساسية ويتبنون فكرة البقاء للاصلح .
من جهة ثانية، يعتمد الديمقراطيون على مبدأ اعطاء دور قوي و اساسي للحكومة من حيث السماح لها في التدخل في المجال العام ووضع اللوائح التنظيمية للشركات و نظام الرعاية الصحية الى جانب فرض الضرائب على الطبقة العليا و اعفاءالطبقتين الدنيا و الوسطى منها للسماح للحكومة بزيادة الانفاق على البرامج الاجتماعية لهاتين الطبقتين .يعارض اغلبية الديمقراطيين عقوبة الاعدام ويميلون الى تحويل تلك الاحكام الى عقوبات
مؤبدة .لا مانع لدى الديموقراطيين لاجهاض الجنين خلال اول ثلاثة اشهر من الحمل دون اي تدخل او ممانعة من قبل الدولة ويتفقون على اعطاء المرأة الصلاحية التامة لاتخاذ مثل هذه القرارات .اما بالنسبة لموضوع السلاح فهم مع زيادة السيطرة عليه والتحكم فيه واعتبار الاسلحة النارية مسموحة فقط و مع حظر الاسلحة الهجومية . وبذلك يقومون بتطبيق مبدأ اساسي ان الحقوق الجماعية يجب ان تطغى على الحقوق الفردية.




يختلف الحزبين في الافكار و نرى ايضا داخل كل حزب اختلاف في وجهات النظر و القرارات، فليس لكل الديمقراطيين نفس الافكار ولا يعترف كل الجمهوريين بجميع المعتقدات التقليدية للحزب الجمهوري .على سبيل المثال، يعارض الحزب الجمهوري الاجهاض و لكنه يؤيد عقوبة الاعدام و يدعم الحكومة الصغيرة و يميل الى تقليص دورها عبر تقييدها ومنعها من التدخل في المجال الخاص لكنه في بعض الاحيان يدعم الحكومة الكبيرة عند الحاجة لاخذ قرارات حاسمة في بعض الامور الضرورية. بالمقابل يدعم الحزب الديمقراطي الحكومة الكبيرة و يعطيها الصلاحية في التدخل في الشؤون و القرارات الاقتصادية و الاجتماعية كما انه يدعم الحريات.
خلاصة القول، ان الحزب الديمقراطي و الحزب الجمهوري هما القوتان الاساسيتان على الساحة السياسية في الولايات المتحدة من حيث تناوب سيطرتهم على رئاسة البلد و هذا ما يؤكد انقسام المجتمع الامريكي في القضايا الرئيسية.
اما اليوم فقد قال الحزب الديمقراطي كلمته الحاسمة في ترأس السلطة من خلال المنتمي لحزبهم جو بايدن على حساب الجمهوري الذي كان منه تكليف دونالد ترامب في السنوات الاربع الماضية .و رغم السيناريوهات التي نشهدها اليوم و اخرها السيطرة على مبنى الكونغرس من قبل مؤيدين لترامب ومحاولته الدائمة للتمسك بالحكم متذرعا ببعض الحجج و الخروقات في الانتخابات الا ان الكونغرس قد صدق رسمياً نهار الخميس على فوز جو بايدن في الانتخابات الرئاسية الاميركية . و يرتقب الجميع اليوم موعد تسلم الرئيس الجديد الحكم من اجل معرفة المجريات المرتقبة دولياً و في الشرق الاوسط خاصة الذي يشهد اليوم صراعاً سياسياً دولياً  من جهة الى جانب الحصار الاقتصادي الذي تشهده اكثر الدول في المنطقة من جهة اخرى. فهل يكون في تسلم جو بايدن الرئاسة في الولايات المتحدة الاميركية الخلاص و الحل للاستقرار الدولي و التخفيف من الاعباء المتراكمة على المنطقة؟ " ان غدا لناظره قريب".

Share this

Related Posts

Previous
Next Post »